بين الذكريات وأحاديث الابتكار ومناقشة الفرص والتحديات المرتبطة به، استرعى انتباهنا ما ذكرته الأستاذة الدكتورة آن لور فيارد في استعراضها لعدة تجارب من جامعة نيويورك والجامعة التقنية في الدنمارك لإظهار كيف يمكن للجامعات الاستفادة بشكل تدريجي من مواردها وقدراتها وشبكاتها لتعزيز الابتكار. مع الأسف لا يؤمن بعض القياديين بأهمية الإبداع والابتكار، وخصوصًا في بيئة العمل، كأفضل طريقة لمعالجة القضايا المجتمعية والبيئية الشائكة، ظنًا منهم بأنها مجرّد لهو ولعب دون أي فائدة تذكر. لكن، في حقيقة الأمر، الواقع مختلف تمامًا.
الجامعات والمراكز البحثية هي أفضل الحاضنات للابتكار والإبداع، دون منازع! فبطبيعتها تجمع هذه المؤسسات بين الكفاءات والمهارات والموارد من دون تمييز أو تفرقة. الجامعات الناجعة هي التي تهتم بالابتكار وتشجيعه، بل وتطعّم المناهج به من خلال برامج تدريبية وميدانية لتوفير فرص مختلفة للطلاب للتفاعل مع الجهات الخارجية مثل المؤسسات الحكومية وشركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني. من خلال إنشاء مراكز للابتكار ورعاية هذا التفاعل الطلابي في مجالات الابتكار، ستتمكّن الجامعات من التفاعل مع المجتمع الأوسع من الجهات خارج أسوارها. كما هو من الضروري أن يكون هذا التفاعل ثنائي الاتجاه وتفاعلي طويل الأمد يضمن دعمًا مستمرًا للمشاريع والابتكارات بطرق مستدامة. كما لا يمكن إغفال أهمية تطوير ثقافة الابتكار المفتوح والتجريب والتكرار والتعلّم من الأخطاء والإخفاقات. فمن خلال دورها كمراكز لصناعة المعرفة، تمتلك الجامعات الإمكانات اللازمة لإنشاء وتنظيم الدعم للابتكارات المستدامة.
علينا الاهتمام بتنمية ثقافة الابتكار وتبني المنهجيات الحديثة لمواجهة التحديّات المحيطة بنا، وما أكثرها. وبينما على الجامعات دور مهم في هذا الشأن كما أسلفنا، تشاطرها المسؤولية المؤسسات العامة والخاصة وغير الهادفة للربح. تعزيز الابتكار أكبر من معارض وفعاليات تقام على مدار العام، هي ثقافة لدعم حاضنات الابتكار.
د. ضاري عادل الحويل